الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
أعني بالثانية أنه حكم في الماضية أشهرًا وقد تقدم ذكر ذلك فتكون هذه السنة هي الثانية وهي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة: فيها ظهرت الديلم عند دخول أصحاب مرداويج إلى أصبهان وكان علي بن بويه من جملة أصحاب مرداويج فاقتطع مالا جزيلا وانفرد عن مرداويج وآلتقى مع آبن ياقوت فهزمه واستولى على فارس وأعمالها قلت وهذا أول ظهور بني بويه قيل إن بويه كان فقيرا فرأى في منامه أنه بال فخرج من ذكره عمود من نار ثم تشعب يمنة ويسرة وأماما وخلفا حتى ملأ الدنيا فقص رؤياه على معبر فقال له المعبرماأعبرها إلا بألف درهم فقال بويه والله مارأيتها قط ولا عشرها وإنما أنا صياد أصطاد السمك ثم اصطاد سمكة فأعطاها للمعبر فقال له المعبرألك أولاد قال نعم قال أبشر فإنهم يملكون الأرض ويبلغ سلطانهم فيها على قدر ما احتوت عليه النار وكان معه أولاد الثلاثة علي أكبرهم وهو أول مابقل عذاره وثانيهم الحسن وثالثهم أحمد قلت علي هو عماد الدولة والحسن هو ركن الدولة وأحمد هو معز الدولة. وفيها دخل مؤنس الورقاني بالحجاج سالمين من القرمطي إلى بغداد. وفيها قتل القاهر بالله الأمير أبا السرايا نصربن حمدان وإسحاق بن إسماعيل بن يحيى وهو الذي أشار على مؤنس بخلافة القاهر لما قتل المقتدر وفيها مات مؤنس الورقاني الذي حج في هذه السنة بالناس. وفيها آستوحش الناس من الخليفة القاهر بالله ولا زالوا به حتى خلعوه في يوم السبت ثالث جمادى الأولى وسملوا عينيه حتى سالتا على خديه فعمي وهوأول خليفة سملت عيناه وسملوه خوفا من شره فكانت خلافته إلى حين شمل سنة وستة أشهر وسبعة أيام أو ثمانية أيام وبويع بالخلافة من بعده آبن أخيه الراضي بن المقتدر جعفر والراضي المذكور اسمه محمد. قال الصولي كان القاهر هرجا سافكا للدماء محبا للمال قبيح السيرة كثير التلون والاستحالة مدمنا على شرب الخمر فإذا شربها تغيرت أحواله وذهب عقله ويأتي بقية ترجمة القاهر بالله في وفاته. وفيها قتل مرداويج مقدم الديلم بأصبهان وكان قد عظم أمره وأسماء السيرة في أصحابه فقتله مماليكه الأتراك. وفيها بعث علي بن بويه إلى الخليفة الراضي يقاطعه على البلاد التي في حكمه في كل سنة ثمانية آلاف ألف درهم فأجابه إلى ذلك وبعث له لواء خلعا مع حرب بن إبراهيم المالكي. وفيها تحكم محمد بن ياقوت في الأمور وآستقل بها وبقي الوزير ابن مقلة معه كالعارية. وفيها توفي أحمد بن سليمان بن داود أبو عبد الله الطوسي مات وله ثلاث وثمانون سنة روى عنه آبن شاذان وغيره وفيها توفي أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبوجعفر الكاتب الدينوري ابن صاحب المعارف وأدب الكاتب وغيرهما ولد ببغداد ثم قدم مصر وولي القضاء بها حتى مات في شهرربيع الأول. وفيها توفي عبيد الله بن محمد بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وكنيته أبو محمد ويلقب بالمهدي جد الخلفاء الفاطمين المصريين الاتي ذكرهم باستيعاب وأم عبيد الله هذا أم ولد وولد هوبسلمية وقيل ببغداد سنة ستين ومائتين ودخل مصر في زي التجار ثم مضى إلى المغرب إلى أن ظهر بسجلماسة ببلاد المغرب في يوم الأحد سابع ذي الحجة في سنة ست وتسعين ومائتين وسلم عليه بأمير المؤمنين في أرض الجوانية ثم أنتقل إلى رقادة من أرض القيروان وبنى المهدية وسكنها يأتي ذكر نسبهم وما قيل فيه من الطعن وغيره عند ذكر جماعة من أولاده ممن ملك الديار المصرية بأوسع من هذا لأن شرطنا في هذا الكتاب ألا نوسع إلا في ترجمة من ولي مصر خاصة وما عدا ذلك يكون على سبيل الاختصار وقد ولي جماعة كبيرة من ذرية المهدي هذا ديار مصر فينظر ذلك في ترجمة أول من ولي منهم وهو المعز لدين الله معد. وفيها توفي الأمير هارون بن غريب ابن خال الخليفة المقتدر كان يلي حلوان وغيرها ولما زالت دولة ابن عمته المقتدرعصى على الخلافة حتى حاربه جيش الخليفة الراضي وظفروا به وقتلوه وبعثوا برأسه إلى بغداد. وفيها توفي يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى الحافظ أبو بكر البزار البغدادي كان زاهدا متعبدا روى عنه الدارقطني وغيره وكان ثقة صدوقا مات وهو ساجد. وفيها توفي أبو علي الروذباري واسمه محمد بن أحمد بن القاسم بن المنصور بن شهريار من أولاد كسرى أصله من بغداد من أبناء الوزراء وصحب الجنيد ولزمه وأخذ عنه حتى صار أحد أئمة الزمان وأقام بمصر وصار شيخ الصوفية بها إلى أن مات بها وكان ثقة صدوقا يقول الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو عمر وأحمد بن خالد بن الجباب القرطبي الحافظ وخير النساج أبو الحسن الزاهد والمهدي أبو محمد عبيد الله أول خلفاء الفاطمية وكانت دولته بضعا وعشرين سنة ومحمد بن إبراهيم الد يبلي وأبو محمد بن عمرو العقيلي والقاهر بالله محمد بن المعتضد خلع وسمل في جمادى الأولى ثم بقي خاملًا سبع عشرة سنة وهوالذي سأل يوم الجمعة قلت ومعنى قول الذهبي وهوالذي سأل يوم الجمعة شرح ذلك أن القاهر لما طال خموله في عماه قل ما بيده ووقف في يوم من أيام جمعة وسأل الناس ليقيم بتلك الشناعة على خليفة الوقت قال الذهبي وأبو بكرمحمد بن علي الكناني الزاهد وأبو علي الروذباري يقال اسمه محمد بن أحمد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم خمس أذرع وست أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا. السنة الثالثة من ولاية أحمد بن كيغلغ الثانية وهي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة: فيها تمكن الراضي بالله من الخلافة وقلد آبنيه المشرق والمغرب وهما أبوجعفر وأبوالفضل وفيها بلغ الوزير أبا الحسين علي بن مقلة أن آبن شنبود المقرىء وشنبود بشين معجمة ونون مشددة وباء مضمومة ودال يغيرحروفا من القرآن ويقرأ بخلاف ماأنزل فأحضره أحضر عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي وأبا بكر بن مجاهد وجماعة من القراء ونوظر فأغلظ للوزيرفي الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد ونسبهم إلى الجهل وأنهم ماسافروا في طلب العلم كما سافر فأمر الوزير بضربه فنصب بين يديه وضرب سبع درر وهو يدعو على الوزير بأن تقطع يده ويشتت شمله ثم وقف على الحروف التي قيل إنه كان يقرأ بها من ذلك إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله أوكان أمامهم ملك يأخذ كل صالحة سفينة غصبًا وتكون الجبال كالصوف المنقوش تبت يدا أبي لهب وقد تب فلما خر تيقنت الإنس أن الجن لوكانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين ثم استتيب غصبًا ونفي إلى البصرة وكان إمامًا في القراءة وفيها قبض الخليفة الراضي على محمد بن ياقوت وأخيه المظفر وأبي إسحاق القراريطي وأخذ خط القراريطي بخمسمائة ألف دينار وعظم شأن الوزير ابنه مقلة وآستقل بتد بيرالدولة. وفيها أخرج المنصور إسماعيل العبيدي يعقوب بن إسحاق في أسطول من المهديةعدته ثلاثون مركبأ حربيًا إلى ناحية فرنجة ففتح مدينة جنوة ومروا بجزيرة سردانية فأوقعوا بأهلها وسبوا وأحرقوا عدة مراكب وقتلوا رجالها ثم عادوا بالغنائم إلى المهدية. وفيها في جمادى الأولى هبت ريح عظيمة ببغداد وآسودت الدنيا وأظلمت من العصر إلى المغرب برعد وبرق. وفيها في ذي القعدة آنقضت النجوم سائرالليل آنقضاضا عظيمًا مارئي مثله وفيها غلا السعر ببغداد حتى بيع كر القمح بمائة وعشرين دينارا والشعير بتسعين دينارا وأقام الناس أياما لا يجدون القمح فأكلوا خبزالذرة والدخن والعدس. وفيها توفي إبراهيم بن حماد بن إسحاق الشيخ أبو إسحاق الأزلي المحدث الصوفي سمع خلقا كثيرا وكان زاهدا عابدا وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن زيد الواسطي المتكلم. وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة أبو عبد الله الأزدي العتكي الواسطي النحوي ويعرف بنفطويه ولد بواسط سنة أربعين ومائتين وقيل سنة خمسين ومائتين وكان إمام عصره في النحو والأدب وغيرهما وعن شعره قوله: أحب من الإخوان كل مواتي وكل غضيض الطرف عن عثراتي يطاوعني في كل أمرأريده ويحفظني حيا وبعد وفاتي وهجاه أبو عبد الله محمد بن زيد الواسطي المتكلم فقال: من سره ألا يرى فاسقًا فليجتهدألايرى نفطويه وفيها توفي أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالدبن برمك أبو الحسن النديم الشاعر المشهور البرمكي ويعرف بجحظة ولد في شعبان سنة أربع وعشرين ومائتين كان فاضلًا صاحب فنون وأخبار ونوادر ومنادمة وهومن ذرية البرامكة وجحظة بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الظاء المعجمة وبعدها هاء هولقب غلب عليه لقبه به عبد الله بن المعتز وكان كثير الأدب عارفا بالنحو واللغة وأما صنعة الغناء فلم يلحقه فيها أحد في زمانه ومن شعره: فقلت لها بخلت علي يقظى فجودي في المنام لمستهام فقالت لي وصرت تنام أيضًا وتطمع أن أزورك في المنام وكتب إليه الوزير ابن مقلة مرة بصلة فمطله الجهبذ فكتب إليه جحظة المذكوريقول: إذا كانت صلاتكم رقاعًا تخالط بالآنامل والأكف ولم تجد الرقاع علي نفعا فها خطي خذوه بألف ألف وفيها توفي محمد بن إبراهيم بن عبدويه الشيخ أبو عبد الله الهذلي من ولدعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولد بنيسابور ورحل في طلب العلم وصنف الكتب وخرج حاجًا فأصابه جراح في نوبة القرمطي ورد إلى الكوفة فمات بها. الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوطالب أحمد بن نصر البغدادي الحافظ وإبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي نفطويه وإسماعيل بن العباس الوراق وأبونعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الإستراباذي وأبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وست عشرة إصبعًا مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا M0لية محمد بن طغج الإخشيذ الثانية الإخشيذ محمد بن طغج بن جف الفرغاني وليها ثانيا من قبل الخليفة الراضي بالله محمد على الصلاة والخراج بعد عزل الأمير أحمد بن كيغلغ عنها بعد أمور وقعت تقدم ذكر بعضها في ترجمة ابن كيغلغ ودخل الإخشيذ هذا إلى مصر أميراعليها بعد أن سلم الأمير أحمد بن كيغلغ في يوم الخميس لست بقين من شهررمضان وقال صاحب البغية لخمس بقين من شهررمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وأقرعلى شرطته سعيد بن عثمان ثم وردعليه بالديارالمصرية أبوالفتح الفضل بن جعفربن محمد بالخلع من الخليفة الراضي بالله بولايته على مصر فلبسها وقبل الأرض ورسم الخليفة الراضي بالله بأن يزاد في ألقاب الأمير محمد هذا الإخشيذ في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وقد تقدم ذكرذلك في ولايته الأولىعلى مصر وما معنىالإخشيذ فزيد في ألقابه ودعي له بذلك علىمنابر مصر وأعمالها. ثم وقع بين الإخشيذ هذا وبين أصحاب أحمدبن كيغلغ فتنة وكلام أدى ذلك للقتال والحرب ووقع بينهما قتال فانكسر في آخره أصحاب آبن كيغلغ وخرجوا من مصر على أقبح وجه وتوجهوا إلى برقة ثم خرجوا من برقة وصاروا إلى القائم بأمرالله بن المهدي عبيد الله العبيدي بالمغرب حرضوه على أخذ مصر وهونواعليه امرها وكان في نفسه من ذلك شيء فجهز إليها الجيوش لاخذها وبلغ محمد بن طغج الإخشيذ ذلك فتهيأ لقتالهم وجمع ے إلىالإسكندرية والصعيد. وبينما هو في ذلك إذ ورد عليه كتاب الخليفة يعرفه بخروج محمد بن رائق ولما بلغه حركة محمد بن رائق ومجيئه إلى الشامات عرض الإخشيذ عساكره وجهز جيشا في المراكب لقتال آبن رائق ثم خرج هوبعد ذلك بنفسه في المحرم سنة ثماني وعشرين وثلاثمائة وسارمن مصر بعد أن آستخلف أخاه الحسن بن طغج على مصر حتى نزل الإخشيذ بجيوشه إلى الفرما وكان محمد بن رائق بالقرب منه فسعى بينهما الحسن بن طاهربن يحيىالعلوي في الصلح حتى تم له ذلك وأصطلحا وعاد الإخشيذ إلى مصرفي مستهل جمادى الأولى من سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وبعد قدوم الإخشيذ إلى مصرآنتفض الصلح وسار محمد بن رائق من دمشق في شعبان من السنة إلى نحو الديار المصرية وبلغ ذلك الإخشيذ فتجهز وعرض عساكره وأنفق فيهم وخرج بجيوشه من مصر لقتال محمد بن رائق في يوم سادس عشرشعبان وساركل منهما بعساكره حتى التقيا بالعريش وقال أبوالمظفر في مرآة الزمان باللجون فكانت بينهما وقعة عظيمة انكسرت فيها ميمنة الإخشيذ وثبت هو في القلب ثم حمل هو بنفسه على أصحاب محمد بن رائق حملة شديدة فأسر كثيرًا منهم وأمعن في قتلهم وأسرهم وقتل أخوه الحسين بن طغج في الحرب وأفترق العسكران وعاد كل واحد إلى محل إقامته فمضى ابن رائق نحو الشام وعاد الإخشيذ إلى الرملة بخمسمائة أسير ثم تداعيا إلى الصلح وكان لما قتل الحسين بن طغج أخو الإخشيذ في المعركة عز ذلك على محمد بن رائق وأخذه وكفنه وحنطه وأنفذ معه آبنه مزاحما إلى الإخشيذ وكتب معه كتابًا يعزيه فيه ويعتذر إليه ويحلف له أنه ما أراد قتله وأنه أرسل آبنه مزاحما إليه ليفتديه بالحسين بن طغج إن أحب الإخشيذ ذلك فاستعاذ الإخشيذ بالله من ذلك واستقبل مزاحما بالرحب والقبول وخلع عليه وعامله بكل جميل ورده إلى أبيه وآصطلحا على أن يفرج محمد بن رائق للإخشيذ عن الرملة ويحمل إليه الإخشيذ في كل سنة مائة وأربعين ألف دينار ويكون باقي الشام في يد ابن رائق وأن كل امنهما يفرج عن أسارى الآخر فتم ذلك. وعاد الإخشيذ إلى مصر فدخلها لثلاث خلون من المحرم سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وعاد محمد بن رائق إلى دمشق فلم تطل مدة الإخشيذ بمصر إلا وورد عليه الخبر من بغداد بموت الخليفة الراضي بالله في شهر ربيع الآخر من السنة وأنه بويع أخوه المتقي بالله إبراهيم بن المقتدرجعفر بالخلافة وكان ورود هذا الخبر على الإخشيذ بمصر في شعبان من السنة وأن المتقى أقر الإخشيذ هذا علىعمله بمصر فآستمر الإخشيذ علىعمله بمصر بعد ذلك مدة طويلة إلى أن قتل محمد بن رائق في قتال كان بينه وبين بني حمدان بالموصل في سنة ثلاثين وثلاثمائة فعند ذلك جهز الإخشيذ جيوشه إلى الشام لما بلغه قتل محمد بن رائق ثم سار هو بنفسه لست خلون من شوال سنة ثلاثين وثلاثمائة المذكورة واستخلف أخاه أبا المظفر الحسن بن طغج على مصر وسارالإخشيذ حتى دخل دمشق وأصلح أمورها وأقام بها مدة ثم خرج منها عائدا إلى الديار المصرية حتى وصلها في ثالث عشر جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ونزل البستان الذي يعرف الآن بالكافوري داخل القاهرة ثم آنتقل بعد أيام إلى داره وأخذ البيعة علىالمصريين لابنه أبي القاسم أنوجوروعلى جميع القواد والجند وذلك في آخر ذي القعدة. وبعد مدة بلغ الإخشيذ مسير الخليفة المتقي بالله إلى بلاد الشام ومعه بنو حمدان فخرج الإخشيذ من مصر وسار نحو الشام لثمان خلون من شهر رجب سنة أثنتين وثلاثين وثلاثمائة واستخلف أخاه أبا المظفر الحسن بن طغج على مصر ووصل دمشق ثم سارحتى وافى المتقي بالرقة فلم يمكن من دخولها لأجل سيف الدولة علي بن حمدان ثم بان للخليفة المتقي من بني حمدان الملل والضجر منه فراسل توزون واستوثق منه ثم آجتمع بالإخشيذ هذا وخلع عليه وأهدى إليه الإخشيذ تحفا وهدايا وأموالا وبلغ الإخشيذ مراسلة توزون فقال الخليفة يا أمير المؤمنين أناعبدك وآبن عبدك وقدعرفت الأتراك وغدرهم وفجورهم فالله في نفسك سرمعي إلى الشام ومصرفهي لك وتأمن على نفسك فلم يقبل المتقي ذلك فقال له الإخشيذ فأقم هنا وأنا أمدك بالأموال والرجال فلم يقبل منه أيضًا ثم عدل الإخشيد إلىالوزيرآبن مقلة وقال له سر معي فلم يقبل ابن مقلة أيضًا مراعاة للخليفة المتقي وكان آبن مقلة بعد ذلك يقول يا ليتني قبلت نصح الإخشيذ ثم سلم الإخشيذ على الخليفة ورجع إلى نحو بلاده حتى وصل إلى دمشق فأمرعليها الحسين بن لؤلؤ فبقي ابن لؤلؤعلى إمرة دمشق سنة وأشهرا ثم نقله الإخشيذ إلى نيابة حمص وولىعلى دمشق يأنس المؤنسي وعاد الإخشيذ إلى الديارالمصرية ودخلها لأربع خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ونزل بالبستان المعروف بالكافوري علىعادته فلم تكن مدة إلا ووردعليه الخبربخلع المتقي من الخلافة وتولية المستكفي وذلك لسبع خلون من جمادى الآخرة من السنة وأن الخليفة المستكفي أقر الإخشيذ هذا على ولايته بمصر والشأم على عادته. ثم وقع بين الإخشيذ وبين سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان وحشة وتأكدت إلىأول سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ثم آصطلحا على أن يكون لسيف الدولة حلب وأنطاكية وحمص ويكون ثم وقع أيضًا بين الإخشيذ وبين سيف الدولة ثانيا وجهزالإخشيذ الجيوش لحربه وعلى الجيوش خادمه كافور الإخشيذي وفاتك الإخشيذي ثم خرج الإخشيذ بعدهما من مصر في خامس شعبان سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وآستخلف أخاه أباالمظفرالحسن بن طغج على مصر وسار الإخشيذ بعساكره حتى لقي سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بقنسرين وحاربه فكسره وأخذ منه حلب ثم بلغه خلع المستكفي من الخلافة وبيعة المطيع لله الفضل في شوال سنةأربع وثلاثين وثلاثمائة وأرسل المطيع إلى الإخشيذ باستقراره على عمله بمصر والشام فعاد الإخشيذ إلى دمشق فمرض بها ومات في يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وولي بعده آبنه أبو القاسم أنوجور بآستخلاف أبيه له فكانت مدة ولاية الإخشيذ على مصر في هذه المرة الثانية إحدى عشرة سنة وثلاثة أشهر ويومين. والإخشيذ بكسر الهمزة وسكون الخاء المعجمة وكسر الشين المعجمة وبعدها ياء ساكنة مثناة من تحتها ثم ذال معجمة وتفسيره بالعربي ملك الملوك وطغج بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة وبعدها جيم وجف بضم الجيم وفتحها وبعدها فاء مشددة. وكان الإخشيذ ملكا شجاعأ مقدامًا حازما متيقظا حسن التدبير عارفا بالحروب مكرما للجند شديد البطش ذا قوة مفرطة لا يكاد أحد يجرقوسه وله هيبةعظيمة في قلوب الرعية وكان متجملا في مركبه وملبسه وكان موكبه يضاهي موكب الخلافة وبلغت عدة مماليكه ثمانية آلاف مملوك وكان عدة جيوشه أربعمائة ألف وكان قوي التحرزعلى نفسه وكانت مماليكه تحرسه بالنوبة عندما ينام كل يوم ألف مملوك ويوكل الخدم بجوانب خيمته ثم لايثق بأحد حتى يمضي إلى خيمة الفراشين فينام فيها وعاش ستين سنة وخلف أولادا ملوكا وهوأستاذ كافور الإخشيذي الآتي ذكره قال الذهبي وتوفي بدمشق في ذي الحجة عن ست وستين سنة ونقل فدفن ببيت المقدس الشريف ومولده ببغداد وقال آبن خلكان ولم يزل في مملكته وسعادته إلىأن توفي في الساعة الرابعة يوم الجمعة لثمان بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة انتهى. السنة الثانية من ولاية الإخشيذ محمد بن طغج على مصر. وقد تقدم أنه حكم في السنة الماضية على مصر من شهررمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة فتكون سنة أربع وعشرين وثلاثمائة هذه هي الثانية من ولايته ولاعبرة بتكملة السنين. فيهاأعني سنة أربع وعشرين وثلاثمائة قطع محمد بن رائق الحمل عن بغداد واحتج بكثرة كلف الجيش عنده وفيها توفي هارون بن ے المطيع لله وحزن عليه أخوه الخليفة وآغتنم له وأمر بنفي الطبيب بختيشوع بن يحيى وآتهمه بتعمد الخطأ في علاجه وفيها في شهر ربيع الأول أطلق من الحبس المظفر بن ياقوت وحلف للوزيرعلى المصافاة وفي نفسه الحقد عليه لأنه نكبه ونكب أخاه محمدا ثم أخذ يسعى في هلاكه ولا زال يديرعلى الوزير ابن مقلة حتى قبض عليه وأحرقت داره وهذه المرة الثالثة وآستوزرعوضه عبد الرحمن بن عيسى وهوأخو الوزيرعلي بن عيسى برغبة أخيه عن الوزارة وكان آبن مقلة قد أحرق دار سليمان بن الحسن وكتبوا على داره: أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنا ولم تخف سوء ما يجري به القدر وسالمتك الليالي فآغتررت بهاوعند صفو الليالي يحدث الكدر ثم وقع بعد ذلك أمور يطول شرحها وقبض الراضي على الوزيرعبد الرحمن بن عيسى وعلى أخيه علي بن عيسى لعجزه عن القيام بالكلف وآستوزر أباجعفر محمد بن القاسم الكرخي وسلم آبني عيسى للكرخي فصادرهما برفق فأدى كل واحد سبعين ألف دينار ثم عجزالكرخي أيضًا فاستوزرالراضي عوضه أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد فكان سلمان في العجز بحال الكرخي وزيادة فدعت الضرورة أن الراضي كاتب محمد بن رائق وآستقدمه وقلده جميع أمور الدولة وبطل حينئذ أمرالوزارة والدواوين وبقي آسم الوزارة لا غيروتولى الجميع محمد بن وفيها كان الوباء العظيم بأصبهان وبغداد وغلت الأسعار. وفيها سارالدمستق بجيوش الروم إلىأمد وسميساط فسارإليه سيف الدولة بن حمدان وهذا أول مغازيه وحاربه ووقع له معه أمورحتى ملك الدمستق سميساط وأمن أهلهاوكان الحسن أخو سيف الدولة قد غلب على الموصل وآستفحل أمره. وفيهاعاثت العرب من بني ے ديارربيعة ومضر وشنوا الغارات وقطعوا السبل وخلت المدائن من الأقوات لضعف أمرالخلافة لأن الخليفة الراضي صار مع ابن رائق كالمحجورعليه والأسيرفي يده والأمركله لابن رائق وفيها توفي أحمد بن موسى بن العباس الشيخ أبو بكرالمقرىء البغدادي الإمام العلامة مولده في سنة خمس وأربعين ومائتين وكان إمام القراء في زمانه وله مشاركة في فنون. وفيها توفي الحسن بن محمد بن أحمد الشيخ أبو القاسم السلمي الدمشقي ويعرف بابن برغوث روى عن صالح ابن الإمام أحمد بن حنبل قصة الشعر. وفيها توفي صالح بن محمد بن شاذان الشيخ أبو الفضل الأصبهاني الحافظ المحدث رحل إلى البلاد وسمع الكثيرثم توجه إلى مكة فمات بها في شهر رجب من السنة. وفيها توفي عبد الله بن أحمد بن محمد بن المغلس أبو الحسن الفقيه الظاهري أخذ الفقه عن أبي وفيها توفي محمد بن الفضل بن عبد الله الشيخ أبوذرالتميمي الشافعي فقيه جرجان ورئيسها. وفيها توفي عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون الحافظ أبو بكر النيسابوري الفقيه الشافعي مولى آل عثمان بن عفان رضي الله عنه قال الدرارقطني مارأيت أحفظ منه ومولده في سنة ثمان وثلاثين ومائتين ومات في رابع شهر ربيع الآخر. وفيها توفي علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى بن عبد الله بن قيس الأشعري البصري المتكلم أبو الحسن صاحب التصانيف في الكلام والأصول والملل والنحو ومولده سنة ستين ومائتين وكان معتزليا ثم تاب وفيها كان الطاعون العظيم بأصبهان ومات فيه خلق كثير وتنقل في عدة بلاد الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوعمروأحمدبن بقي بن مخلد وجحظة النديم أحمدبن جعفربن موسى البرمكي وأبو بكرأحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرىء وأبو الحسن عبد الله بن أحمد المغلس البغدادي الداودي إمام أهل الظاهرفي زمانه وأبو بكرعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وأبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الحمصي وأبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتكلم وعلي بن عبد الله بن المبشر الواسطي وأبو القاسم علي بن محمد بن كاس النخعي الكوفي الحنفي قاضي دمشق أمرالنيل في هذه السنة الماء القديم أربع أذرع السنة الثالثة من ولاية الإخشيذ وهي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة فيها لم يحج أحد من العراق خوفا من القرمطي. وفيها ظهرت الوحشة بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريدي. وفيها وافىأبو طاهر القرمطي الكوفة فدخلها في شهرربيع الأخرفخرج ابن رائق في جمادى الأولى وعسكر بظاهر بغداد وسير رسالته إلى القرمطي فلم تغن شيئًا. وفيها استوزرالراضي أبا الفتح بن جعفر بن الفرات بمشورة آبن رائق وكان أبن الفرات بالشام فأحضروه. وفيها أسس أمير الأند لس الناصرلدين الله الاموي مدينة الزهراء وكان منتهى الانفاق في بنائها كل يوم مالايحد كان يدخل فيها كل يوم من الحجر المنحوت ستة آلاف صخرة سوى الآجروغيره وحمل إليها الرخام من أقطارالغرب ودخل فيها أربعة آلاف وثلاثمائة سارية وأهدى له ملك الفرنج أربعين سارية رخام وجلب إليها الرخام الأبيض من المرية والمجزع من رية وأما الوردي والآخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من قسطنطينية والحوض الصغيرعليه صورة أسد وصورة غزال وصورة عقاب وصورة ثعبان وغير ذلك والكل بالذهب المرصع بالجوهر وبقوا في بنائها ست عشرة سنة وكان ينفق عليها ثلث دخل الأندلس وكان دخل الأندلس يومئذ خمسة الاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار ومن المستخلص والأسواق سبعمائة وخمسة وستون ألف دينار وبين هذه المدينة أعني الزهراء وبين قرطبة أربعة أميال وأطوالها ألف وستمائة ذراع وعرضها ألف وسبعون ذراعا ولم يبن في الإسلام أحسن منها لكنها صغيرة بالنسبة إلى المدائن وكان بسورها ثلاثمائة برج وعمل ثلثها قصورا للخلافةوثلثها للخدم وثلثها الثالث بساتين وقيل إنه عمل فيها بحرة ملأها بالزئبق وقيل إنه كان يعمل فيها ألف صانع مع كل صانع اثنا عشرأجيرا وقد أحرقت هذه المدينة وهدمت في حدود سنة أربعمائة وبقيت رسومها وسورها. وفيها توفي أحمد بن محمد بن حسن أبوحامد الشرقي النيسابوري الحافظ الحجة تلميذ مسلم سمع الكثيروصنف الصحيح وكان أوحد عصره وروى عنه غيرواحد ومات في شهررمضان وصلىعليه أخوه عبد الله. وفيها توفي الأميرعدنان ابن الأمير أحمد بن طولون قدم بغداد وحدث بها عن الربيع بن سليمان المزني وقدم دمشق أيضًا وحدث بها وكان ثقة صالحا رضي الله عنه وفيها توفي موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبومزاحم كان أبوه وزيرالمتوكل وكان موسى هذا ثقة خيرا من أهل الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوحامد أحمد بن محمد بن حسن الشرقي وأبوإسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي وأبوالعباس محمد بن عبد الرحمن ومكي بن عبدان التميمي وأبومزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم أربع أذرع وست عشرة إصبعًا مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وست عشرة إصبعًا . السنة الرابعة من ولاية الإخشيذ وهي سنة ست وعشرين وثلاثمائة فيها سار أبو عبد الله البريدي لمحاربة بجكم بعد أن آستعان البريدي بالأميرعلي بن بويه فبعث علي بن بويه معه أخاه أبا الحسين أحمد بن بويه وأما البريديون فهم ثلاثة أبو عبد الله وأبو الحسين وأبو يوسف كانوا كتاباعلى البريد وفيها قطعت يد الوزير ابن مقلة الكاتب المشهور ثم قطع لسانه ومات في حبسه وسببه أن ابن رائق لما وصل إليه التدبير كتب ابن مقلة إلى بجكم يطمعه في الحضرة وبلغ ابن رائق وأظهر الخليفة أمره وآستفتى القضاة فيقال إنهم أفتوا بقطع يده ولم يصح ذلك فأخرجه الراضي إلى الدهليز وقطع يده بحضرة الأمراء وحبس ابن مقلة واعتل فلما قرب بجكم من بغداد قطع آبن رائق لسانه أيضًا وبقي في الحبس إلى أن مات حسبما يأتي ذكره. وفيها ورد كتاب ملك الروم إلى الراضي وكانت الكتابة بالرومية بالذهب والترجمة العربية بالفضة وعنوانه من رومانس وقسطنطين وإسطفانس عظماء ملوك الروم إلى الشريف البهي ضابط سلطان المسلمين. باسم الأب والابن وروح القدس الإله الواحد الحمد لله ذي الفضل العظيم الرؤوف بعباده الجامع للمفترقات والمؤئف للأمم المختلفة في العداوة حتى يصيروا واحدا وحاصل الكتاب أنه أرسل بطلب الهدنة فكتب إليهم الراضي بإنشاء أحمد بن محمد بن جعفربن ثوابة بعد البسملة. من عبد الله أبي العباس الإمام الراضي بالله أميرالمؤمنين إلى رومانس وقسطنطين وإسطفانس رؤساء الروم سلام على من اتبع الهدى وتمسك بالعروة الوثقى وسلك سبيل النجاة والزلفى ثم أجابهم إلى ماطلبوا. وفيها قلد الخليفة الراضي بجكم إمارة بغداد وخراسان وابن رائق مستتر. وفيها كانت ملحمة عظيمة بين الحسن بن عبد الله بن حمدان وبين الدمستق ونصر الله الإسلام وهرب الدمستق وقتل من ناصريه خلائق وأخذ سرير الممستق وصليبه. وفيها توفي إبراهيم بن داود أبوإسحاق الرقي كان من جلة مشايخ دمشق وله كرامات وأحوال وفيها توفي عبد الله بن محمد بن سفيان أبوالحسين الجزارالنحوي كان له التصانيف في علوم القرآن وغيرها. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوذأحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الباغندي وعبد الرحمن بن أحمدبن محمد بن الحجاج بن رشدين ومحمد بن زكرياء بن القاسم المحاربي. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم خمس أذرع وأربع أصابع. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وعشرأصابع.
|